أذكر جيدا جملة كانت تتردد على مساميعنا ، كل ما إنتقلنا من فصل دراسي لأخر، لم أكن وقتها أدري ماهيتا، ولا المقصود من وراءها، كنا كلما دخلنا عند بعض الأساتذة إلا ويأمروننا بتدوين معلوماتنا في قطعة ورق، كان الأستاذ أو المعلم يؤكد دائما أن نجيب بصراحة على السؤال المهم في نظره، سؤال كان يطرحه اللعين دون إستثناء، سؤال كان يهرب منه أبناء الفقراء والكادحين، أبناء الطبقة المهضومة، طبقة الجرذان التي تملأ صناديق الإقتراع أوراقا، حالمة بالتغيير، متمنية عيش كريم يحفظ ماء الوجه وينير الطريق نحو الأفضل لأبنائهم، كان المعلم الغبي شديد الحرص أن يعرف مهنة أبائنا، يتفحص أوراقنا، ليعرف من أبوه طبيب، أو شرطي أو موظف لعين مثله، كان المعلم يبحث عن معارف قد تحل مشاكله في الحياة، يريد هدايا بالمجان، كان يعلم  أنه إن مرض يحتاج لطبيب، إن وقع في مشكل يحتاج لرجل قانون، كان يستغل سذاجتنا دون أن ندري...لكن مهما حاول فلن يجد في القسم أبناء طبقة ميسورة، الميسورين أذكياء من أن يرسلوا بأبنائهم لسجون التعليم العمومي، نعم إنها سجون كان القسم أشبه بزنزانة في سجن مخصص للثوار، التلاميذ أكثر من المقاعد والطاولات، كنا نجلس أكثر من إثنين في الطاولة المهترئة...أما الروائح فتشبه إلى حد بعيد روائح مطارحه الأزبال، كان المعلم اللعين يسخر من بعضنا ماذا تفعل أمهاتكم في المنزل حتي يرسلنكم بهذه الحالة، الغبي لم يكن يعلم أن الأماهات بدورهم يهجرون المنازل صوب الحقول، كانت الأم أما في الليل ورجل في النهار، تحمل معولا أو منجلا تغزو به الأرض من أجل لقمة العيش...لا زلت أتذكر في يوم من الأيام حيث كان القمل يغزو رؤوسنا جاء حارس المدرسة بمعية المدير وفي يديه قنينة مبيد الحشرات يرش رؤوسنا واحدا تلو الأخر بينما يضحك المدير ذو البطن المنتفخ كإمرأة حامل في شهرها الثامن، يصرخ المعلم والإبتسامة تعلو محياه زيدو شوية زيد رش، يسخرون الملاعين من فقرنا يجربوا المبيدات الكيماوية في رؤوسنا كمساجين تزمامارت، غير أننا لم نكن في هذا السجن المدرسي بجريمة تخالف القانون، بل كنا أبناء كادحين، همهم الوحيد أن يعملوا ليلا نهار من أجل كيس دقيق وقنينة غاز، وبضعة دفاتير للأبناء، لم نكن نتباهى في شيء بيننا إلا في شيئين، إن كنت تتوفر على محفظة ليس كيس بلاستيك أو أنكم تستعملون قنينة غاز لإضاءة المنزل وليس شموعا تحرجك دموعها على دفاتيرك أمام المعلم..

بقلم : abdennabi baddouzi